ان ما نملكه في الحقيقة هو ما نملك أن نستغني عنه لان ما نحتاج اليه يصرفنا في وجوهه واسبابه
فهو يملكنا مصلحا أن قل ومفسدا ان كثر وعلى ايهما فهو شاغل عن الانصراف الى سواه بالانصراف اليه
وحكمة الفيلسوف تنظر الى القول المآثور (( القناعة كنز((
ومن بديع قول هذا الحكيم : يكون الاسد حبيسا في قفصه ولكن الحبس لن يجعله عبدا لمن يطعمه؟
ان الشهوات والمصالح انما هي حصر النفس في جانب من الشعور محدود بلذات وهموم وآحاسيس تجعل غرض
الانسان في الانسان نفسه فهو كما يملأ معدته ويتأنق في الاختيار لها يريد من كل ذلك ان يملأ شخصه على هذه الطريقة
بعينها طريقة اشباع معدته وبهذا تسخر منه حقائق الكون
ان كل من كانت حدود الانسانية جسمه ولذات جسمه فهو في مقدار هذا الكون كالميت المحدود من الارض كلها بقبره وتراب قبره
واذا تخطى الانسان حدود جسمه الى فكرة الخلود فقد اتسع روحه وادرك حقيقتها ووعى ما بينها وبين الكون
فأنه يدرك الروح السماوية في اعماله
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان همه الاخرة جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وآتته الدنيا وهي راغمة ومن كان همه الدنيا فرق الله أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا الا ما كتب له
كل ما يوجد أمامنا وكل ما يوجد في غير متناولنا شيء بسيط جدا للغاية اذا ما قورن بما يوجد في أعماق أنفسنا